بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل لنا من الأيام نواميس بها نقتدي و الصلاة و السلام على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم.
أما بعد
فقد كنت قد طرحت فكرة بخصوص موضوع ذكر الرب أولا فالملك ثانيا و أخيرا الإله في سورة الناس، و طلبت الرأي، لكن لما لم أتلق الرأي إلا من الأخ محمد أمين ها أنا سأوضح نقاطا وجيزة في هذا الموضوع.
من المعول أن القرآن الذي أنزل على سيدنا محمد صلى اللهعليه و سلم أنزل بلسان عربي مبين ، أعجز أهل الزمان الذين لم يألوا جهدا في التباهي بالقوة و العنفوان في اللغة .
و معلوم أن اللغة بالنسبة للعرب كانت تجري في ألسنتهم مجرى الدم في العروق .
و لما أتت الرسالة أعجزواحتى اتهموا الرسول صلى الله عليه و سلم بشتى النعوث ، و قد كان ذلك عجزا منهم في مضاهاة الإعجاز القرآني انمبين .
و لكن العرب بالرغم من ذلك لم يكونوا على دراية تعلمية بقواعد العربية و لا بأساليبها ، و بطريقة أخرى لم يكونوا متعلمين العربية بل كانت هي السليقة في لسانهم حتى أن الشعر عندهم كان من الأمور السهلة التي يعاب على الفرد ألا يعرفه، و بكلمة أخرى فهم لم يتعلموا العربية كما تعلمناها ، بل كانت جزءا من فطرتهم .
و القرآن الكريم المعجز لهم في هذه السورة استعمل أسلوبا تعلمناه في المدارس و المناهج التعليمية ، و نظرا لدقته كان الترتيب مبتدئا بالرب فالملك و الإله في الأخير .
فمن الناحية اللغوية الرب ممن يتولى مسؤولية المقربين إليه ، ألم تسمعهم يقولون فلان رب الأسرة أي مولاها و الراعي لشؤونها ، فهو متكلف بها و بأمورها ، فهو ربها ،و منها الآية " اذكرني عند ربك" أي مولاك المباشر إن جاز التعبير .
لكن لما يشتد الأمر بالأرباب و يعجزون على التصدي للمشاكل و رعاية شؤون مواليهم ، فالأمر عندها ينتقل للملك الذي يولى أمر اللإراد في المجتمع بلغة العصر ، فهو من يتولى أمر القضاء و السياسة بينه و هو من يتولى تسيير أمورهم في سائرها ، و هو بذلك يكون أقدر على التصدي للمشاكل العويصة .
لكل لما يتعلق الأمر بأمور فوق قدرة الأرباب و الملوك و فوق الطاقة البشرية في العموم بالله تعالى الواحد القهار هو من يتولى خائنة الأعينو ما تخفي الصدور ، فهو القادر على كل شيء و لا يعجزه شيء .
فإن كنت لبيبا بعض الشيء فاعلم أن الأمر يتبع منهج الخاص إلى العام .و هو عكس ما جاء في سورة الفلق ،و أدعوك لتأتيني بتجليات ذلك في هذه السورة.